المصدر :جريدة الجمهورية 5/5/2015 م
ناهد عبدالسلام- آية محمود - هناء محمد- وليد شلتوت - وائل فوزي
ارتفعت أسعار السلع الأساسية والخضراوات والفاكهة بشكل لافت للنظر.. مما دفع الرئيس عبدالفتاح السيسي باصدار تعليمات صارمة لوزير التموين باتخاذ كافة الاجراءات الممكنة لضبط الأسعار قبل دخول شهر رمضان والقضاء علي مافيا الاحتكار وتفعيل دور أجهزة حماية المستهلك.
خبراء الزراعة والاقتصاد أكدوا ان جشع التجار لن يتوقف إلا بالزراعات التعاقدية والتصنيع الزراعي وتحديد هامش ربح ثابت يقدر ب 10% وليس 300% كما يحدث حالياً ومضاعفة المجمعات الاستهلاكية والاهتمام بجودة سلعها.
يقول خالد سيد عيده- موظف أمن- شبح الأسعار تخطي كل الحدود لغياب الدور الرقابي الفعال من الدولة لذا يتحتم علي الدولة عمل كنترول علي كبار التجار للحد من جشعهم وتحقيق مكاسب من دماء الغلابة.
يشاركه ناصر محمود- عامل- قائلاً السوق يشهد تفاوتاً كبيراً في الأسعار باختلاف المناطق لتراجع الدولة عن دورها في حماية المواطن والتاجر معاً وأصبح المشهد المتسيِّد هو كيفية تحقيق الربح بأي طريقة وأصبح حال المواطن في حيرة من أمره لمواجهة لهيب الأسعار في كل السلع.
أما إيهاب محمد- عامل- فيري ان دور الدولة هو الاساس في حماية المواطن خاصة وزارة التموين وجهاز حماية المستهلك من خلال حملات مستمرة علي جميع الأسواق لضبط المخالفين وتوقيع الجزاء الرادع ليكونوا عبرة لغيرهم.
يشير محمد يوسف- ميكانيكي سيارات أن السبب وراء أزمة ارتفاع الاسعار هم التجار الذين يتحكمون في الأسواق فضلاً عن غياب دور مفتشي التموين لمراقبة الأسعار والتسعيرة وللحد من لهيب الأسعار لابد من عودة نظام مفتش التموين من خلال أشخاص يتسمون بالمصداقية.
يؤكد عمرو فوزي- بائع- ان وعود الحكومة أصبحت سراباً بعد ان صرحوا أكثر من مرة بمضاعفة منافذ البيع ونشر المجمعات الاستهلاكية والتي تنافس الهايبرات في جميع أنحاء الجمهورية للتغلب علي ارتفاع الأسعار وايجاد سوق مواز مدعوم من الدولة يجبر التجار علي البيع بهامش ربح بسيط.
يوضح مصطفي مهران- تاجر- ان إشعال أسعار معظم الخضراوات والفواكه في مصر يرجع إلي سوق العبور الذي يشتري من الفلاح بربع الثمن ويقوم بتحقيق هامش ربح لا يقل عن 80% من السعر الحقيقي.
يشير أحمد يوسف- تاجر خضراوات- ان الأسواق مليئة بالسلع غالية الثمن كالطماطم التي تحولت فجأة من جنيه الي 7 جنيهات بسبب إختلاف "العروة" وهناك سلع أخري هدأت أسعارها فأصبحت تباع بنصف الثمن لأنها توافق الموسم ومتوفرة بكثرة مثل الباذنجان الأبيض سعره حالياً 5 جنيهات بدلاً من10 جنيهات والفاصوليا كانت تباع ب 10 جنيهات والآن لا تتعدي 5 جنيهات.
يضيف حسن السيد- محام- التلاعب في أسعار السلع والخدمات لا يأتي من فراغ لكنه بسبب غياب الدور الفعال للرقابة علي الاسواق والمتابعة الدورية لإحكام السوق مناشداً الحكومة بالاسراع بتفعيل مشروع منافذ البيع التابعة لها وسيارات الخريجين لضبط الأسعار والتغلب علي ظاهرة الاحتكار بجانب تفعيل القوانين الخاصة بالتلاعب والغش.
تضيف أم أحمد- أصبحت الأسرة لا تقوي علي تحمل أعباء أخري بعد زيادة أسعار الكهرباء والغاز واكتملت بارتفاع أسعار الخضروات والسلع الغذائية الي أضعاف مضاعفة لا يستطيع المواطن تحملها فيجب علي الدولة إيجاد حلول سريعة لحماية المواطن البسيط من قبضة التجار وجشعهم.
يوضح- محمد السيد تاجر- ان تجار التجزئة لا ذنب لهم في ارتفاع الاسعار بسبب شراء السلع بأسعار مرتفعة ونحن محملين بأعباء لابد من الالتزام بها في مواعيدها من دفع ضرائب وايار ورواتب العمالة خلاف الاعباء الأسرية ففي حالة الحصول علي السلع بأسعار بسيطة نحقق هامش ربح بسيط.
أما محمد لطفي- جزار بأحد المجمعات الاستهلاكية فيري ان السبب الرئيسي الي اقبال المواطن هو خفض الأسعار نتيجة دعم الحكومة لنا فأسعار اللحوم لدينا تقل عن الاسواق الخارجية فاللحم السوداني يباع ب 40 جنيهاً بدلاً من 60 جنيهاً والاسترالي ب 57 جنيهاً بدلاً من 80 جنيهاً والضاني الاسترالي ب 45 جنيها بدلا من 80 جنيها والضأن البلدي ب 65 جنيهاً بدلاً من 85 جنيهاً.
يوضح أحد مسئولي المجمعات الاستهلاكية ان جميع المجمعات ملتزمة بالاسعار المعلنة من قبل الحكومة ومعظمها في متناول المواطنين وتقل عن الاسواق بكثير ولكن المشكلة تكمن في عدم انتشار المجمعات بكثرة في جميع أنحاء الجمهورية.
يتهم علي نصار نقيب فلاحين كفر الشيخ التجار بالتحكم في الأسعار وقوي العرض والطلب في الأسواق مؤكداً أنه منذ فترة طويلة يطالب بتطبيق الزراعة التعاقدية حيث تتعاقد الدولة مع الفلاحين علي المحصول قبل زراعته مع تحديد سعر للفلاح يحقق له ربحاً معقولاً ويخفف العبء علي المستهلك عن طريق طرح المحصول في الاسواق والمجمعات بسعر مناسب.
يضيف نصار أن سعر المحصول في الأرض يكون زهيد جداً بالنسبة للسعر السوقي حيث يحصل التاجر علي كيلو البرتقال بسعر 80 قرشاً من علي الشجر ويتكلف جمعه لا تزيد علي 15 قرشاً ويصل سعر بيعه للمستهلك الي 3 جنيهات للكيلو أما محصول الطماطم فيختلف حسب وقت زراعة العروة حيث تزرع في السنة 4 مرات "عروات" وتكون عروة نهاية الشتاء هي الأعلي سعراً لأن الطقس يكون غير ملائم للزراعة ويحجم عدد كبير من الفلاحين عن زراعتها مما يؤدي إلي قلة المعروض عن المطلوب وهذا هو سبب ارتفاع سعر الطماطم حالياً حيث وصل إلي 8 جنيهات علماً بأن التاجر يحصل عليها من الفلاح بسعر 4 جنيهات ولكن في الموسم سعرها لا يتعدي 30 قرشا للكيلو وهذا ما يجعلنا نؤكد علي ضرورة التصنيع الزراعي لتصنيع معجون الطماطم وبيعه وقت الأزمة بسعر معقول.
ويطالب نصار بعمل مشاريع صغيرة للشباب بشراء ماكينات صناعة معجون الطماطم حيث يبدأ سعرها من 30 ألف جنيه تتحملها الدولة لحل الأزمة ومنع الاحتكار الذي يجعل التاجر يتحكم في سعر المحصول.
أما الدكتورة هويدا محمود استاذ الاقتصاد بالمركز القومي للبحوث الاقتصادية أن مؤشر أسعار السلع والمنتجات الغذائية معطل في مصر ولا يبقي سوي الارتفاع تحت مزاعم وهمية نابعة من قوي العرض والطلب وان ضبط الأسواق من قبل الأجهزة الرقابية أو جمعيات حماية المستهلك مازالت عاجزة عن القيام بدورها وتشير إلي أنه يتم عمل دراسات كثيرة علي الأسواق والأسعار ولم تفلح معظمها في ضبط الأسعار لوجود قوي احتكارية قادرة علي تغيير عجلة السوق بأي طريقة وفي أي وقت كما أن مسلسل التداول للمنتج من مناطق الانتاج حتي الاستهلاك تنقصها معلومات عن الانتاج وحجم السوق.
يؤكد دكتور محمد زيدان ان الدولة يجب ان تقوم بدورها في ضبط الأسعار بشكل قوي من خلال تفعيل جهاز ضبط ورقابة الأسعار ويتكون من عدة وزارات كالتجارة والصناعة والتموين والزراعة والمالية والداخلية تتعاون جميعها لحماية حقوق المستهلك لأن هناك مجموعة من التجار احتكرت الأسواق وتحكمت في مصير المواطن البسيط.
يضيف زيدان أنه يجب إيجاد حلول من خارج الصندوق لمواجهة جشع التجار وتفعيل مبادرات تشغيل الشباب من خلال مشروع سيارات شباب الخريجين ليحصل علي السلع من المنتج مباشرة مؤكداً ان الدولة عندما تشتري المحصول من الفلاح خاصة السلع الاستراتيجية تستطيع التحكم في السعر بعيداً عن ألاعيب التجار خاصة السلع المترابطة مع بعضها البعض في سلسلة واحدة كعلف الدواجن والمواشي الذي يجب مراقبة وضبط سعره حتي لا يؤدي إلي ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن والصناعات المترتبة عليها موضحاً ضرورة تحديد هامش الربح علي السلع بحيث لا يتعدي 25% علي إجمالي الحلقات بداية من المنتج حتي يصل الي المستهلك مع تشديد العقوبات وتطبيق القانون علي التجار المخالفين والمحتكرين للسوق بداية من منع مزاولة المهنة لمدة تزيد علي 5 سنوات حتي عقوبة السجن المؤبد التي تطبق في بعض الدول.